«بالإيمان نقضي على الإدمان».. شعار ترفعه جمعية بشائر الخير الكويتية التي أنشئت في عام 1993م في مسعى حثيث - كلجنة خيرية متخصصة- لعلاج مدمني المخدرات وتأهيلهم، حيث قيض الله لها ثلة من رجالات الكويت وشبابها المتطوعين التقت إرادتهم بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي الغاشم على ضرورة العمل من أجل تخفيف الآثار النفسية التي خلفها الاحتلال في نفوس الشباب، وحشد الجهود لمكافحة الظواهر السلبية الوافدة إلى المجتمع، ومن بين أفكار عديدة اختاروا طريقا شاقا وشائكا وهو إعادة تأهيل الشباب الذي وقع فريسة المخدرات، وانتشاله من هذا المستنقع الآسن، وإعادة رسم البسمة والفرحة على وجوه أبنائه وذويه.
مع تنامي أنشطة جمعية بشائر الخير وتعاظم أدوارها المجتمعية والتوعوية والعلاجية بعد إشهارها في 2005م وتحولها إلى جمعية نفع عام، نجحت الجمعية في صناعة تجربة فريدة ليس على الصعيد المحلي فقط، بل على المستويين العربي والإسلامي، وأحدثت نتائج مذهلة في علاج الإدمان من خلال النظرية الإيمانية التي أثبتت- بشهادة خبراء الطب النفسي وعلاج الإدمان - تفوقها على كثير من النظريات النفسية الغربية، فضلا عن نجاعة العلاج النفسي المبني على الزاد الروحي من القرآن الكريم وتعاليم الإسلام، إذ بلغت نسبة إقلاع المدمنين عن المخدرات 80 في المائة، بينما لا تتجاوز نسبة النجاح في أعرق المصحات العالمية 13.2 في المائة، يضاف إلى ذلك أنه في الوقت الذي تصل فيه نسبة انتكاسة المدمنين في العالم إلى 95 في المائة، نجدها لا تتجاوز الـ20 في المائة في جمعية البشائر، وهذا يؤكد تفوق المنهج الإيماني وتميزه وفاعليته في مواجهة هذه الآفة، ولعل هذا النجاح الملحوظ هو ما دفع وزارة الداخلية إلى رفد الجمعية بمائة حالة سنويا لمعالجتها.
مهندس تجربة البشائر منذ تأسيسها وحتى الآن هو الداعية الإسلامي والطبيب النفسي الشيخ عبدالحميد البلالي الذي اخذ على عاتقه -مع فريق من المخلصين - مسؤولية بناء منظومة العلاج الإيماني لإعادة تأهيل التائبين إسلاميا ونفسيا وصحيا واجتماعيا، بل مساعدتهم في الانخراط في المجتمع كأعضاء صالحين ومنتجين وفاعلين، وناجحين في رعاية أسرهم بعد فترة من التيه والضياع في عالم المخدرات.
مكافحة الإدمان وتحدي الصعاب
هذه الثلة من أبناء الكويت الأخيار تحدت الصعاب، إذ لم يكن المجتمع مدركا أهمية العمل في هذا المجال بسبب قلة الوعي وعدم إدراك أهمية هذا العمل الخيري الجديد، اذ كان البعض ينظر شذرا واشمئزازا لمثل هذا العمل ومقترفي جريمة التعاطي، اذ يقول الشيخ البلالي: عندما كنا نذهب إلى أحد التجار ونطلب منه أن يساعدنا للعمل مع المدمنين، يقول لنا: أنا لا أضع أموالي في عمل له علاقة بالمدمنين، والأفضل أن أضعها في بناء مسجد أو حفر بئر، ولكن- والكلام للبلالي- أمام إصرارنا على المضي في طريقنا، وتوعية الناس بأهمية مساعدة هؤلاء المتخبطين في عالم المخدرات وسوقه الرائجة في الكويت، اقتنعوا بنهجنا وأصبحوا أكثر وعيا بخطورة المشكلة، ثم انهالت علينا المساعدات من جهات عدة.
وفي غضون سنوات استطاعت اللجنة أن تنجح في إنجاز العديد من أهدافها بصورة كبيرة، وأن تستقطب المئات من التائبين الذين عجز الطب النفسي عن معالجتهم من الإدمان، وذلك عبر النزول إلى الميدان والاحتكاك المباشر بالمدمنين عن طريق مستشفى الطب النفسي وعدم الاكتفاء بالتنظير، انطلاقا من أن طبيعة المنهج الإيماني في علاج النفوس لا تقبل القول من دون العمل، كما أنه لا توجد آية في القرآن الكريم ذكرت الإيمان إلا وقرنته بالعمل.
النظرية الإيمانية
ويبدأ دور الجمعية في تطبيق النظرية الإيمانية بعد انتهاء فترة العلاج الإكلينكي وخروج المدمن من السجن أو المستشفى، وتتجلى أهم ملامح هذه النظرية في التعامل مع المدمن بلغة مفعمة بالعطف والحنان والرعاية والرحمة، وإشعاره بالاهتمام والحرص على بلوغه العافية والسلامة، خاصة أنه في تلك المرحلة يتشكل لديه إحساس باحتقار المجتمع له وقسوته عليه ورفضه له، ثم يأتي بعد ذلك العمل على إشعاره بثقته بنفسه وثقة الآخرين به من خلال تكليفه ببعض الواجبات، خاصة أن المدمن لا يمكن أن تتكون لديه القدرة على الخروج من مستنقع الإدمان من غير إرادة، ولا يمكن بناء إرادته من غير تعزيز الجوانب الإيمانية والسلوكية والوجدانية، ودعم ثقته بنفسه وتنمية روح الأمل لديه.
أساليب وقائية
والى جانب انشغالها بمعالجة المدمنين، حيث تقول الإحصاءات إن 14 في المائة من شباب الكويت خاضوا تجربة المخدرات، فإن 80 في المائة من نشاط الجمعية ينصب على الشريحة التي لم تسقط في الإدمان من خلال وسائل وأساليب وقائية عدة منها ترتيب ندوات ومحاضرات وأسابيع ثقافية للتوعية بخطورة المخدرات وطباعة مطويات شهرية وكتيبات مع التنسيق مع الجهات المعنية وتنظيم زيارات أسبوعية ميدانية للمدمنين في مستشفى الطب النفسي والمنازل والسجن المركزي، وإقامة محاضرات توعوية في المدارس الثانوية وتوزيع أشرطة «كاسيت - فيديو» تتعلق بقضية المخدرات.
كما تحرص على تدشين مسرحيات لمعالجة هذه القضية وإعداد معارض متنقلة في جميع أنحاء الكويت ودراسات متخصصة في قضايا المخدرات وسبل مواجهتها، وتنظيم دورات توعية لأسر المدمنين وزيارات مفتوحة لجميع الديوانيات الشعبية لزيادة الوعي ومتابعة المدمنين التائبين بعد خروجهم من المستشفى وحل مشكلاتهم المالية والاجتماعية والنفسية، وعمل ديوانية أسبوعية للتائبين وإفطار جماعي كل خميس تعقبه مسابقة، وأداء عمرة سنوية وفريضة الحج، وتنظيم رحلات بحرية وبرية وتكريم المتعافين، وإقامة اعتكاف خلال العشر الأواخر من رمضان.
اعتراف دولي بالنظرية الإيمانية
يسعى القائمون على «بشائر الخير» إلى الانتقال بنشاطها إلى العالمية والاعتراف الدولي بالنظرية الإيمانية لإعادة تأهيل المدمنين، وكذلك إشهار «الهيئة العالمية للبشائر» وتأسيس فروع لها في جميع دول العالم، كما يأملون إطلاق محطة فضائية من خلال مقر كبير يحتوي على معاهد تدريب واستديو وصالات عرض سينمائي عملاقة ومكان للتسلية.
أسس النظرية الإيمانية لعلاج الإدمان
1- الإدمان معصية لله، وقع فيها المدمن باختياره، وعليه التوبة منها.
2- معاملة المدمن كمريض بحاجة الى المساعدة، لا كمجرم يستحق العقاب.
3- مد يد العون له للنهوض من جديد وإشغال وقت فراغه بما هو مفيد.
4- التعامل الإنساني مع المدمن وإشباع حاجته إلى التقدير والاحترام.
5- التعامل مع جميع المدمنين دون تمييز أو تفرقة.
6- مشاركة التائبين أفراحهم وآلامهم وعدم الاكتفاء بالتنظير.
7- تقوية الجانب الإيماني لدى المدمنين وتعزيز الثقة بالنفس وبث روح الأمل لديهم.
8- توفير البيئة الصالحة للتائب.
9- حل المشكلات المادية والنفسية التي يعاني منها التائب.
10- التعاون مع كل الجهات الرسمية والأهلية التي تعمل في المجال نفس